8 قواعد نفسية حتى لا تحكم على الآخرين بطريقة خاطئة
نتعامل دائماً داخل نطاق بشري يجمعنا بعدد من الأشخاص في علاقات مختلفة ودرجات مختلفة من التداخل أو القرب.
إلا أن علاقاتنا ببعض البشر حولنا قد تسوء أو حتى تبدأ سيئة لأننا نتبع بعض الأمور التي لا نأخذ بالنا من أنها تُصيب علاقاتنا في "مقتل" ، وبما أن الإنسان كائن إجتماعي كما علمونا، وأن الله وضعه على الأرض كي يتعايش مع آخرين فإن معرفة الإنسان بالقواعد الصحيحة للحكم على البشر لتصيفهم، ولإنزالهم منازلهم في علاقته بهم أمراً ضرورياً.
وفي السطورالتالية سوف أسوق أهم ثمانية قواعد يجب عليك أن تأخذها في إعتبارك حين الحكم على الناس من حولك، وحتى تستطيع تصنيفهم، وتحديوالثماني قواعد الأساسية في الحكم على الآخرين تتمثل في :
1- لا تحكم على شخص من خلال الآخرين ورؤيتهم له :
من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الناس في علاقاتهم سواء في بدايتها أو حتى في وسطها وبعد أن يصنفوا البشر بداخلهم هو إعتمادهم على حكم الآخرين على هؤلاء الأشخاص.
وهو خطأ فادح ، ولو كنت أعلم في اللغة العربية كلمة أكبر من فادح لكتبتها عن طيب خاطر لأنها بالفعل تمثل خطأً كبيراً .
ويرجع ذلك إلى أن هذا الآخر الذي تأخذ حكمه على شخص، هو في الحقيقة جهة "متحيزة"، لأنه يرى هذا الإنسان "بنظره هو" بنظارته هو ، بمشاعره هو.
فإن سألت شخص مرهف الحس عن شخص فإن أول ما سيقوله لك أنه "جامد المشاعر" ، وإن سألت شخص مسرف عن شخص فإن أول وصف ستسمعه "بخيل أو ماسك" ، وإن سألت شخص فوضوي عن شخص فأول وصف سيقوله لك "منظم زيادة عن اللزوم" ، وإن سألت شخص له مشكلات مع السلطة منذ الصغر وعلاقته بأبيه سيصف لك الآخر بأنه "سلطوي" ، يميل إلى تمركز السلطة .........
بالطبع الأمور أكثر تعقيداً من ذلك لكن هذه الأمثلة لترى أن لكل منا نظارته – بعيداً عن العمل المهني المتخصص – فإن كل منا "يطرح" على الآخر مفاهيمه الداخلية ، وبالطبع يفهم مَنْ يقرأ لي وقد سبق ودرس التحليل النفسي مفهوم "الطرح" على الآخر .
لذلك فإن أقاويل الناس بوجه عام عن شخص ليست مؤشر جيد للحكم عليه، ولتعرف ذلك قم بالتمرين التالي :
إجمع عشرة أشخاص ممن حولك، وإطلب منهم أن يكتبوا عن شخص ما، بالطبع سيكون هناك نقاط يجتمعوا عليها، لكني أعدك وعداً مسؤلة عنه بأنك ستجد ورقتين "متناقضتين" في تلك الأوراق الواصفة لنفس الشخص.
فسوف تجد شخص يصفه بأن "سلطوي" وآخرى تصفه بأنه "ساذج ويحركه الآخرين" ، د مدى العلاقة المتوقع بينك وبينهم ..
سوف تجد وصف "أناني" وفي ورقة أخرى من العشرة "بينسى نفسه" أو "يفضل الآخرين" جرب وقل لي ماذا وجدت.
2- لا تحكم على شخص في موقف بداية المعرفة :
هنا سأروي لك موقف شخصي تعرضت له وجلست أشرح حقيقته لمن شاركوني الموقف وبعد أن كانت العلاقة بينا في البداية تأخذ شكل ربما سلبي أو سيئ أصبحنا في معرفة قوية.
كنت في دولة اليمن الشقيق في مؤتمر ضخم عن الإساءة للطفولة في العالم العربي، وكنت وقتها قد إنتقلت لليمن بعد فارق 8 ساعات فقط من عودتي من بيروت، فقد عُدت من بيروت في طائرة العاشرة صباحاً تقريباً وطائرتي لليمن في نفس اليوم في الحادية عشرة مساء، وصلت إلى اليمن ودخلت الفندق تقريباً الرابعة صباحاً ومن حالة الإنهاك التي تملكتني إستيقظت على موعد بداية جلسات المؤتمر الذي كان مشارك معنا فيه عدد من السفراء ووفود رسمية كبيرة، وكنت أشارك بخبرة عملية عن الأطفال وتأثير الأخطار النفسية عليهم، ومع بداية جلسات المؤتمر وحالة الهدوء والتكييف في القاعة والكلمات الرسمية والترحيب وجدت نفسي أنعس، ولأن لي كلمة سأقوم لها ثم ترتيب بعدها لأصعد للمنصة بعد وقت، فخرجت من القاعة لأدخل الحمام أغسل وجهي وأتحرك لأنني بالفعل بدأت أتثاقل على مقعدي.
إصطحبتني فتاة عزيزة – الأخت أنجيلا من جامعة تعز كل تحياتي لها ودكتور منذر ودكتورة أنيسة طبعاً - أدخلتني أنجيلا الحمام في هدوء وكنت لا أريد أن يلحظ أحد خروجي من القاعة إحتراماً للكلمات الرسمية التي تُلقى، وبالفعل دخلت الحمام وتوضأت فقد كنت قرأت بحث عن الوضوء وتأثيرة على يقظة المخ والتخلص من الطاقة السلبية فنفذت، ولكني حين خروجي من الحمام فوجئت بأمر غريب... إضاءة أنارت فجأة وشخص يقوم "جاهزين شباب" !!
فوجئت بوجود مذيع ومصور وكاميرات على باب الحمام تنتظر خروجي !!!!!
وما أن خرجت إلا وإقترب مني المذيع وقال لي دكتورة داليا أهلا وسهلا معك فلان من قناة كذا قولنا نلحق نعمل لقاء عشان يتذاع اليوم قبل أي قناة .......... وشوية كلام.
الحقيقة ... وجودهم على باب الحمام أشعرني بخجل شديد اتذكرجيداً أن الحمام كان عليه حاجز خشبي ليُظهر أنه حمام نسائي مثل الأرابيسك مثلاً ..
ومن المفاجأة ولأنني كنت أغلق حقيبتي وربما أضبط آخر دبوس في إيشاربي، قلت له : طيب حضرتك أنا مش مستعدة الأن هل ممكن نخليه بعد الجلسة الأولى .
هذا ما ألهمني له عقلي لأخرج من الموقف المخجل ، فتخيلي معي أنك تخرجي من باب الحمام لتجدي كاميرات ومخرج يقول إستعدوا خرجت !!!!
فإذا بالمذيع والزملاء معه يعتبرونه غرور ، ويؤكد أنه كان يطمع في كرم مصر أكثر من ذلك، وأنه يعرف أن هناك قنوات دولية ستلتقي معي لأنني الباحثة الوحيدة التي ستتحدث عن تأثير الحروب على الأطفال، ولكنهم كانوا يطمعوا في العلاقات المصرية ال ..... وأن هذا غير متوقع .............. كلام كتير من هذا القبيل، فتركتهم ونزلت – كان الحمام في أعلى المدرج الذي أقيم فيه المؤتمر – وقلت لهم أن ليس هذا هو المقصود وإنني لن أقدم أي برامج قبلهم ......................... نقذت وعدي ووجدت أن سياق الحديث بيننا على الغداء سمح لي أن أشرح لهم الموقف، ربما ضحك بعضهم، وخجل بعضهم من نفسه لأنه صنفني أنني "مغرورة" أو "منتظرة قناة معينة" أو "أختار ما يشهرني أكثر" .... وكل ما في الأمر إنني كنت "خجلة" ما أنا في الأخر "بنت" طلعت دكتورة طلعت وزريرة، الحمام وجلسات النساء من الأماكن التي لها خصوصية في ثقافتي، ولم أكن أتوقع أن ينتظرني تليفزيون على باب الحمام وأنا "هربانة" بهدوء من القاعة لأجد إضاءة تنير حين خروجي ويقول لي أحدهم نحن تحركنا خلفك وإنتظراكي من أول ما دخلتي!!!
وبالطبع في حياة كل منكم قصة وفي حياتي شخصياً الكثير من القصص من هذا القبيل خاصةً أن مهنتنا تجعل بعض الناس ينسجون حولنا تصورات يطرحونها علينا من أول مقابلة.
3- لا تحكم على شخص دون أن تتعرف على بناءه وتكوينه الشخصي :
قد نظلم البشر حين نقوم بالحكم عليهم دون أن نعرف كيف تكون لديهم هذا السلوك أو ذاك، فالإنسان "أسير" شخصيته وتكوينها، فالشخص ذو التكوين "الواقعي" ستجده وقت الأزمة لا يربت على كتفك ويحتضنك ويقول لك كلمات مُحبة داعمة، وإنما ينهمك في "التفكير" لإيجاد حل، ويسعى لذلك وربما يتركك وأنت في هذه اللحظات ليعود لك بحل عملي أو تنفيذ تقوم به.
هذا هو فهمه "للمؤازرة" أو "الدعم" ، فهو هنا ليس "ندل" وإنما شخص يتصرف بحسب تكوينه، ربما نحتاج أن نقوم "بتنبيهه" بأن ما يسعدنا أكثر أن يحنو أو يرفق أو يُظهر دعمه المعنوي، لكن علينا أولاً ألا نسرع بالحكم عليه أنه لا يدعم لأنه تصرف بسلوك معين يتبع شخصيته وتكوينه الشخصي المتكامل.
ثم لو قررنا أنه سيكون من المقربين علينا أن نوضح له "خريطتنا" ليدخل إلى أدق تفاصيل مدينتنا دون أن "يتوه" .
4- لا تحكم على شخص دون أن تعرف تاريخه العائلي :
لأكمل لك الأمور التي يكون الشخص أسير لها - إلا لو حدث ما يغير حياته ويخرجه من بعض الأسر الذي مر به - أضيف على ما سبق وأوضحته في النقطة السابقة من أن الإنسان أسير شخصيت أقول لك أنه أيضاً "أسير ما تعلم وما تربى عليه" أسير ما قام والديه بتدعيمه، أسير إلى ما كانوا يعاقبونه عليه أو ما كانوا يشعرونه بأنه قيمته، أسير خبراته مع البشر.
فأنت حين تقابل شخص تتعامل مع "خلاصة" عمره، وليس "سلوك ظاهري" فحاول أن تستوعب بيئته وتكوين عائلته لكي تعرف لماذا يخرج منه ذا السلوك أو ذاك.
فالشخص الذي تربى وسط أعداد كبيرة من الإخوة لا يعرف كثيراً مفهوم "الملكية" فتجده يميل إلى الأمور المشاع، كأمه التي لم تكن تترك له أي شئ يتهنى به وحده حتى لو كان سندوتش أحضره ليستمتع به فتطلب منه أن يعطي جزء لأحد أخوته أو تقوم بتقسيم كل ما يأتي به والده بالعدل دون أن تميز ذلك الطفل الذي يُحب هذا النوع.
فإما أن يخرج هذا الشخص "فردوي" ليقوم بتعويض ما لم يحصل عليه "منفرداً " ويحتاج من كل شئ أعلى درجة لذاته، أو يتعايش مع هذا النمط ويكفيه من الشئ لقمة واحدة أو جزء واحد أو إهتمام طفيف.
كذلك من تربى على أي شئ، فسوف تجده يميل إليه حتى لو سعى إلى الإبتعاد عنه في سلوكه، وبالتالي عليك أن تتفهم جوانب تربيته وتعاملاته العائلية جيداً إن كنت سترفعه إلى مكانة قريبة أو على الأقل إفهم بعض جوانب تنشأته لو كنت ستتعامل معه بإستمرار.
5- لا تحكم على الشخص من خلال تعامله مع أشخاص آخرين وتطبق على نفسك :
كل منا يعامل الآخرين بالقدر الذي يرى أنهم "يستحقونه" ، فقد تكون شخص كريم جداً لكن يفرق معك أبسط الأشياء من شخص تشعر أنه "يستقطعك" كما يقولون، أو يضحك عليك.
فكثيراً ما نسمع جملة "أنا أدي عينيه بمزاجي لكن حد يستهبلني لأ" ، أو ما شابه ليعطي أننا نتعامل مع البشر "ليس بما يشبه شخصيتنا وتربيتنا فقط وإنما بما يتناسب معهم أيضاً".
فعلى سبيل المثال .. وهي أيضاً خبرة شخصية توضح لك ما اعنيه :
طلب أحد قادة إحدى المؤسسات التنموية في بلد عربي أن أقابله وحددت شخصية تعرف كلانا المقابلة وحين دخلت كان يصلي فإنتظرته وجاءتني مديرة مكتبه التي كانت تتحدث عنه بالصدفة بعد أن وقفت أنا على الباب لأتحدث في التليفون، وألمحت من حديثها أنها تصنف هذا الرجل أنها ضد المرأة، وأنه لا يعرف كيف يتعامل مع النساء، وأنه غبي في فهمه للمرأة، والفتاة التي تجلس معها تكتب على الكمبيوتر يبدو أنها تؤيد حديث هذه الأخت التي تتحدث.
إنتهى الرجل من الصلاة ودخلت ثم دخلت مديرة مكتبه – التي كانت تنعته بأنه يكره المرأة ومتحيز ضدها وعنيف معها، فإذا بالرجل يقول لها :
يا آنسة الله يرضى عنك بس دققي شوي بس في الأوراق ، يا بنتي هذا يمكن أن يخرب بيوتنا لا قدر الله أرجوك راجعي مرة وإثنين وثلاثة ، لإنها لو تكررت سأعين لكم شاب يساعدكن.
فقالت مديرة مكتبه : يا حاج حضرتك أنا ما خدت بالي وهذا خطأ بسيط يمر على أي إنسان.
فقال الرجل : شوفي يا دكتورة الله يرضى عنك الخطأ اللي تقول عنه إنه
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق